Abstract
إذا كانت الخرائب وتلال الأقذار التي امتلأ بها التاريخ مثوى العناكب والحشرات التي أفسدت علينا حياتنا الصحيحة فإن في هذا التاريخ نفسه أدوات التطهير التي إذا أحسنا استعمالها ظفرنا بحياة صحيحة سليمة مبرأة من العيوب والأقذار. فالماضي بكل ما حوى من صدق وكذب، وخطأ وصواب، وغلو واعتدال. المادة الأساسية التي نستبين من خلالها مواقع أقدامنا، فلا نضعها إلا على أرض صلبة، لأننا بقراءة التاريخ نستطيع تجنب الأخطاء والتعرف على مواقع الإصابة. ونحن الآن نعيش في عصر واع لا يقتنع بكل ما يقوله التاريخ على أنه حقيقة لا تقبل المناقشة، فقد مضى عصر التقديس لكل شيء، وأصبحنا في عصر التحليل والتشريح، فمن كان يستحق التقديس قدسناه، ولو نعته الماضي بأنه شيطان رجيم،ومن لا يستحق التقديس وضعناه تحت أقدامنا، ولو أضفى عليه الماضي كل ما لديه من هالا الإجلال والتفخيم. ولذلك من الخطأ أن نهمل الماضي، أو نصغى لمن يقول لنا: علينا أن نذر الماضي ونتطلع للمستقبل، إن قائل هذا لا يعني ما يقول: أو هو لا يتبصر ما يقول.