الخلاصة
ورتق سماء عقله بعدما فتقه و فطره ، وأبطن کونه فی کونه و أظهره، و حجبه عن سره بما هو أخفى وستره، حكمة بالغة لمن دقق النظر فيه اعتبره، ثم تجلى له في حضرة الاقتداء فبهره، فأجفل هارباً من نيران الهيبة فضمه وقهره.
وغمسه غمسة في البحر الأخضر من غير أن يشعره، فإذا سر القدرة الإلهية قد مازجت بشره، ثم كشف له عن حضرة الديمومية فحقق بها عمره، وردًاه رداء الحياة الأبدية دون كون ضمه ولا أمد حصره.
وأعلى مناره للملائكة وأوضح غرره، فبايعته بالسجود إذ أمده بالأسماء ونوره، وجعله في أرض الأجسام خليفة فأيده ونصره، ثم أبدع له العقل وزيراً فاستوزره، ووهبه سر الخطاب في نار الشجرة، وأعطاه عصا إعجازه فأهلك بها الخواطر السحرة.
ثم خوفه لدى قسطاس الانقسام وحذره، وقسم موارده عليه قسمة منتشرة، وأردفها بأجناد إشارات إلهية غير منحصرة.
وأورد الخواطر على باب حضرته فمقبلة ومدبرة، فمنها قابلة لعيون الإشارات ومنها مستنفرة، وعمّر مدينته في النمط الأوسط ومنها أفقره، و أغناه بمطالعة أسرار الملكوت وبها أفقره.
وأباح له التصرف في الأكوان بما به عنها زجره، وسوى في قبضتيه الأخذ بين من آمن به وكفر.
وأشهده على تلك القبضة وقرره، ونصب ملکه جسرا للعبور فطوبى لمن عبره، ثم شاء سبحانه أن يدنسه بما به طهره، فجعله برزخا جامعا للكفرة والبررة